محاولة تصميم نظام قياس الأداء في القطاع الصحي : دراسة حالة مؤسسة استشفائية عمومية

Abstract

يركـّز الدور المعاصر للدولة على ضرورة التوجّه نحو المواطن لمحاولة الاستجابة لتطلعاتـه المختلفة وتحقيق مصلحـته العامّة باعتبــاره الهدف الرئيسي للدولة والقطاع العمومي بأجهزته المختلفة، حيث يعمل هذا الأخير من خلال أداته الرئيسية المتمثلة في الإدارة العمومية على توفير الخدمات الضرورية لحياة المواطن واستقراره، من خدمـات الصحة، والأمن، والتعليم، التي تعدّ من أهمّ مقومات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولتحقيق ذلك ظهرت العديد من الأفكار المنادية لضرورة تغيير الطريقة التي يُسيَّر بها القطاع العمومي، فجاء المناجمنت العمومي الجديد بمنهج مبتكـر يقوم على محاكاة تسيير القطاع العمومي بصورة أقرب لتسيير القطاع الخاص، فتبنّي مفاهيم المناجمنت العمومي الجديد يؤدي بالضرورة إلى تحويل التفكير حول قياس الأداء الناجع العمومي من التركيز على الوسائل إلى التركيز على النتائج؛ وقد كان التسيير الموجّـه بالنتائج أفضل حلّ للحكومات التي أصبحت مجبرة على إيجاد إدارة عمـوميـة في مستوى التطلعات الجديدة للمواطنين، بمعنى أن تكون فعّالة (متوافقة مع احتياجات المجتمع)، فاعلة (اقتصادية) ومتكيّفة (متوافقة مع طبيعة المهام و التطورات المميّزة للفترة). وفي ظلّ هذا التوجّه أصبح لوظيفة مراقبة التسيير دور أساسي وضروري في الإدارة العمومية، فهي تساعد المسؤولين - مهما كان مستواهم الهرمي- على التحكّم في أدائهم التسييري عبر متابعة مدى تطابق الإنجاز اليومي مع الاستراتيجيات المحدّدة، و هي أيضا وسيلة للقيادة بالنسبة للمسؤولين في الأعلى بفضل مختلف الطرق التي تمنحهم إيّاها (المحاسبة التحليلية، تسيير الموازنات، لوحات القيادة....)، وقد شكّلت لوحــة القيــادة المتوازنــة التي أتى بها كل من R.Kaplan و D.Norton، أبرز التطورات في مجال مراقبة التسيير لأنها تمدّ الإدارة العليا بالوسيلة التي تمكّنها من الوصول للنتائج المرجوة، على اعتبار أنها تقيـــس الأداء الناجع من خـلال أربعة محاور: المحور المالي، محور العملاء، محور العمليات الداخلية، ومحور التعلم والنموّ. ولاعتقادنا بأن تدنّي مستوى الخدمات الصحية العمومية في الجزائر يعود إلى غياب أدوات مراقبة التسيير من أجل قيادة الأداء الناجع وعدم تطور الأساليب الإدارية المعتمدة فيها والتي مازالت تقليدية لا تتماشى مع التغيرات الراهنة، تمّ إخضاع الموضوع للدراسة الميدانية على مستوى المؤسسة الاستشفائية لعين طاية من أجل الوقوف على واقع الأداء الناجع في المؤسسة، واقتراح نموذج للوحة القيادة المتوازنة انطلاقا من مساعي وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات لعصرنة القطاع، تضمّ هذه اللوحة المحاور الأربعة يتصدرها محور المريض باعتباره المحور الأساسي، يشمل كلّ محور على مجموعة من المؤشرات التي تقيس مستوى تحقق الأهداف من أجل تمكين المسيّر من اكتشاف مواطن الخلل واتخاذ القرارات التصحيحية المناسبة